العلوم و التكنولوجيا
علماء هنود يكتشفون فطريات تساعد على الزراعة في
الأراضي الصحراوية في الخليج
نيودلهي: براكريتي غوبتا
اكتشف
العلماء في الهند نوعا جديدا من الفطريات من شأنه أن
يساعد على زارعة الخضراوات والفواكه في الأراضي
الزراعية الصحراوية في دول الخليج. ويساعد هذا الفطر
العجيب وهو من الفطريات الجذرية (أو ميكوريزا)، التي
تم تطويرها في ضوء التكنولوجيا من معهد الطاقة
والموارد القائم في دلهي، على تحويل التربة القاحلة
إلى أراض زراعية، حيث إنه يلتصق بجذور النباتات كأذرع
ممتدة لامتصاص العناصر الغذائية مثل الفوسفور
والنيتروجين من أجزاء التربة التي يكون من الصعب على
النباتات الوصول إليها من دون هذا الفطر.
وأنتج مشروع اختباري، جرى تنفيذه في قطر على تربة
عالية الملوحة، محصولا أعلى في المتوسط بنسبة 90 في
المائة من المحصول الذي تم الحصول عليه من بعض المزارع
القائمة في البلاد.
وقال الدكتور ألوك أدوليا، مدير التكنولوجيا الحيوية
والموارد البيولوجية في معهد الطاقة والموارد في دلهي،
«لقد جرى إطلاق هذا المشروع في قطر عام 2007، وكانت
نتائجه هي أنه تم تحويل 4000 متر مربع من التربة
الرملية عالية الملوحة إلى بيئة مثمرة في ظل وجود
الحياة النباتية والديدان الأرضية والحشرات والطيور،
وذلك خلال 18 شهرا. والأكثر أهمية هو أن استخدام
تكنولوجيا ميكوريزا ساعد للمرة الأولى على زراعة
المحاصيل الزيتية مثل عباد الشمس والمحاصيل الغذائية
مثل الشوفان على التربة القطرية».
وتقوم النباتات المضيفة، بمساعدة أشعة الشمس والصبغة
الخضراء الخاصة بها، الكلوروفيل، بمزج ذلك مع ثاني
أكسيد الكربون لصنع السكر. ويتم إعادة بعض السكر من
خلال جذور النباتات كغذاء للميكوريزا التكافلية. وهذه
الرابطة القائمة على المنفعة المتبادلة تمكن النباتات
من أن يكون لها جذور أطول للاستفادة من المياه الجوفية،
وفي بعض الأحيان الاستفادة من المياه المالحة للغاية
التي لا تستطيع النباتات أن تستفيد منها من دون
الميكوريزا، مما يساعدها على مقاومة الحرارة والجفاف.
كما أن هذا الفطر يساعد على حماية الجذور من الأمراض.
وعلى الرغم من التكلفة العالية لهذه الأنواع من
المشروعات، فإن دول الخليج مستعدة للاستثمار فيها من
أجل خفض اعتمادها على استيراد الخضراوات وأعلاف
الحيوانات. وقال أدوليا: «لدينا مشروعات مماثلة في
الهند والكويت وعمان.» وفي معهد الطاقة والموارد في
دلهي، عرض المسؤولون لمراسل «الشرق الأوسط» شريحة من
النباتات الخضراء كثيرة الأوراق في منطقة دخان جنوب
قطر، بالقرب من أكبر حقل نفطي بري في البلاد. والمنظر
العام الطبيعي في هذه المنطقة هو السبخة، وهي نوع من
الأراضي المنبسطة المالحة. لكن باستخدام هذا الفطر،
نجح الباحثون في زراعة عدد من النباتات، بما في ذلك
الخضراوات، في مشروع يقع وسط الصحراء القاحلة. ولم
يتعين عليهم استخدام الكثير من المياه.
وقال أدوليا، الذي كان يعمل على هذا النوع من الفطريات
لمدة 25 عاما، «إن الميكوريزا من بين الأنواع الأكثر
شيوعا من الفطريات التكافلية. وتوجد في معظم الأنواع
من التربة، لكن الاستخدام الزائد للأسمدة الكيميائية
والمبيدات الحشرية يقود إلى تأثير معاكس على هذه
المجموعة الفريدة من الكائنات الحية. لقد أنتجنا
تكنولوجيا تستخدم أنواعا مختلفة من الميكوريزا وتمكن
هذا الفطر من التكاثر في أنظمة بيئية صناعية».
كما ساعد استخدام هذه التكنولوجيا على زراعة أشجار
المانغروف في تربة مالحة في ولاية غوجارات التي تقع
غربي الهند وفي الأراضي الصحراوية في راجاستان.
وعلى الجانب الآخر، تقترب الحكومة الهندية الآن من
قبول الميكوريزا كسماد حيوي. وقال الدكتور إيه كي يا
داف، مدير المركز الوطني للزراعة العضوية بوزارة
الزراعة، «يجري اختبار هذا التطبيق (وهو التحقق من
استخدام هذا النوع من الفطريات كسماد حيوي). نأمل
الانتهاء من ذلك قريبا».
ويجري تنفيذ مشروع مماثل في دولة الإمارات العربية
المتحدة، حيث عقد معهد الطاقة والموارد في دلهي، الذي
يدير مركزا في دبي، شراكة مع الكلية العليا
للتكنولوجيا في الإمارات لتسميد الأراضي الخصبة بهذا
الفطر. وتعد هذه التكنولوجيا مناسبة للنباتات التي
تستطيع مقاومة درجات الحرارة من صفر إلى 60 درجة مئوية،
لذا لا يهم وجود التربة في منطقة باردة أو حارة. وقال
مسؤولون في المعهد الهندي إن مشروع دولة الإمارات
العربية المتحدة سيكون كبيرا للغاية.
وينبغي أن تسمح قدرة الفطر على امتصاص مزيد من العناصر
الغذائية من مقدار صغير من المياه للمحاصيل بالنمو مع
مقدار أقل بنسبة 60 في المائة من المياه ومن دون أي
أمراض. وأظهر تقرير حديث لهيئة مسح التربة في أبوظبي
أن أكثر من 20 ألف هكتار من المساحة الإجمالية لدولة
الإمارات تستطيع دعم بعض أشكال الزراعة بهذه
التكنولوجيا. ولا تمتلك دول الخليج الغنية بالنفط
مساحة كافية من الأراضي القابلة للزراعة، والتي تناسب
زراعة الأغذية والمحاصيل التي تستخدم كأعلاف للحيوانات،
لكن لديها على الأقل الأموال المتوافرة للعثور على
وسائل لتحسين هذه الأراضي وجعلها أكثر إنتاجا من
الناحية الزراعية.
وإذا كانت فكرة الميكوريزا ناجحة، فسيتم استخدامها على
نطاق أوسع، ومن الممكن أن تساعد بعض هذه الدول التي
يوجد بها أراض قاحلة لكي تكون أكثر استدامة من الناحية
البيئية. والعيب الكبير لهذه الفكرة يتجلى بوضوح في
التكاليف المرتفعة، حيث إن المشروع القائم في أبوظبي
تكلفته عالية للغاية بالنسبة إلى الكثير من الدول
القاحلة، والتي تعد دول فقيرة، مثل الأردن والسودان
وغيرهما.
(الشرق الاوسط)
|