بوليوود تتجه إلى العالم العربي وتركيا لتصوير
أفلامها
نيودلهي: براكريتي غوبتا
في تحول لافت، بدأت السينما الهندية في هجر مواقع
التصوير في الدول المفضلة لها مثل سويسرا والولايات
المتحدة والمملكة المتحدة، وأدارت دفتها تجاه العالم
العربي، حيث بدأت الكثير من الأفلام الهندية التصوير
في أماكن تاريخية وسياحية شهيرة في تلك الدول، كما
ألفت قصص أفلام في محاولة لاستقطاب مشاهدي هذا الجزء
من العالم.
وعلى الرغم من وجود عشاق دائمين لأفلام بوليوود في
منطقة الخليج، فإن السنوات القليلة الماضية شهدت تحول
السينما الهندية إلى سفير ثقافي في المنطقة. فقد
استضافت دول الإمارات ومصر والكويت والبحرين وعمان
تصوير الكثير من الأفلام الرومانسية وأفلام الرعب التي
أنتجتها السينما الهندية، فأفلام مثل «السباق» و«أحمق
في النهاية» و«36 تشينا تاون» و«المخاطرة»، كل هذه
الأفلام نسجت حول هذا الجزء من العالم، وصور ما يقرب
من 70 في المائة من مشاهدها في هذه الدول، فظهرت
الأهرامات المصرية في الكثير من أغاني الأفلام الهندية.
وسيكون الفيلم الهندي القادم «كاجرا ري» أول فيلم هندي
يصور في وديان الصحراء الأردنية، وبين الآثار
الرومانية ومدينة البتراء القديمة. ويقول مخرج الفيلم
بوجا بهات «أنا مهووس بمدينة البتراء ووادي رم منذ
الطفولة. فصحراء الأردن الواسعة وتضاريسها الرائعة لم
تدخل في الأفلام الهندية من قبل».
ويقول بهات «بذلت لجنة الفيلم الأردنية قصار جهدها
لمساعدتنا، فلم يكن هناك قيود الروتين، ووصلنا إلى
مواقع التصوير بسهولة كبيرة، مما يجعلها أقل قيودا
مقارنة بدبي».
ويبدو أن غرب آسيا تقدم ما هو أكثر من المواقع الخلابة،
فقد تحول المنتجون السينمائيون إلى التردد بكثرة على
الدول التي تمنح تصاريح التصوير بأسعار أقل.
ويقول أفتار بانيسار، نائب رئيس العمليات الدولية في
شركة «ياش راج فيلمز»، واحدة من أكبر الشركات الهندية
العاملة في مجال السينما: «مثل هذه القرارات دائما ما
تعتمد على النصوص والحوافز المتنوعة أو الدعم الذي
يقدم في المنطقة». ففرص الأعمال في السينما الهندية في
بوليوود تساعد في فتح الباب على مصراعيه أمام غرب آسيا
التي وصلت بعض دولها بالفعل إلى العالمية.
ويشكل التقارب الثقافي لغرب آسيا مع أجزاء واسعة من
جنوب آسيا داعما قويا في سعي السينما البوليوودية
للانتشار على مستوى العالم. فكلتا المنطقتين جزء مما
يمكن أن يطلق عليه «الجنوب العالمي»، حيث تمتلك دبي
ومومباي المقومات اللازمة لبلورة البنى الصناعية التي
ربما ثبتت قدرتها على الوقوف كندّ لهوليوود.
تعد الهند واحدة من الدول القليلة في العالم التي لم
تتمكن هوليوود من القيام فيها بعملية توغل كبيرة في
دور السينما سواء على مستوى الهند أو المنطقة. من
ناحية أخرى، زادت بوليوود في السنوات الأخيرة من
قدرتها على الوصول إلى الجمهور العالمي عبر نظم
التوزيع والتسويق المتطورة. هذا المزيج من الثقافة
المحلية والمقومات العالمية هو ما يميز مومباي مع دبي
وغرب آسيا بصفة عامة.
أحد الأفلام الهندية الأخرى التي يجري تصويرها حاليا
هو فيلم «هل تتزوجين مني؟» من إنتاج بوليوود، ويتم
تصويره حاليا في إمارة الفجيرة بدولة الإمارات.
والفيلم الكوميدي الرومانسي الذي سيعرض في يناير (كانون
الثاني) صورت 60 في المائة من مشاهده في دولة الإمارات.
وقال أديتا دات: «اخترت هذا الموقع لأنني كنت أقضي
العطلات الأسبوعية في دبي، حيث اعتدت على الذهاب
لمنتجع اليوم الواحد مع اثنين من أصدقائي، ولدينا طاقم
مؤلف من نحو 100 شخص في مكان التصوير، لكن كان على
الجميع القيادة من دبي إلى الشارقة».
وسيظهر مترو دبي للمرة الأولى في فيلم هندي هو «الجريء»
الذي سيعرض في سبتمبر (أيلول) المقبل. ويقول منتج
الفيلم أرباز خان على صفحته الرسمية على «تويتر»: «قام
نجم بوليوود الشهير سلمان خان بأداء عدد من الرقصات في
مواقع مختلفة من محطات مترو دبي، ومن بينها مدخل
المحطة وشباك التذاكر. ويلعب خان دور ضابط شرطة من
قرية هندية صغيرة، والمشهد الذي سيظهر فيه مترو دبي
يأتي في سياق سفر خان لقضاء شهر عسل مع زوجته (التي
تقوم بدورها سينها) في دبي».
وقال أرباز: «قمنا بالتصوير في محطة مترو دبي وهي
المرة الأولى التي يسمح فيها بالتصوير هناك، وحصلنا
على تصريح يسمح لنا بالتصوير في أي مكان. وهو أمر لم
نألفه من قبل. كان المقرر أن يتم التصوير في سويسرا،
لكن بسبب ثورة بركان آيسلندا التي أغلقت الأجواء
الأوروبية عند ثورته الشهر الماضي، تم نقل التصوير إلى
دبي».
من المعروف أن الأفلام الهندية لها سوق منتظمة في غرب
آسيا، سواء بين أبناء شبه القارة الهندية العاملين في
دول الخليج أو السكان المحليين.
يعد المواطنون الهنود العاملون في غرب آسيا الجالية
الأكبر في العالم، وحضور هذا العدد الكبير على مدى
السنوات عمل على منح السينما الهندية حضورا في المجتمع
المحلي.
ويذكر صحافي من العالم العربي أن أفلام هوليوود شكلت
جزءا من سنوات عمره المتتالية، فقد كان خروج العائلة
إلى صالة السينما لمشاهدة أحد أفلام بوليوود أشبه
بمناسبة اجتماعية. ويبدو أن قطاعا كبيرا من أبناء
العائلات الثرية في غرب آسيا مطلعون على الأفلام
الهندية مجاملة لمربياتهم في الهند اللاتي يشكلن جسورا
في هذه الدول.
ومن ثم فإن غرب آسيا تمتلك المقومات التي تؤهلها لتشكل
فارقا بارزا من خلال ارتباطها القائم بالفعل بالسينما
الهندية من خلال أحدث استثماراتها في مجال السينما
التي تطمح بها إلى ارتياد المحافل المحلية والعالمية
وطموحها في التطور كمحور ثقافي معاصر.
ومع تطلع الدول العربية، خاصة دبي، إلى تعزيز ثقافة
الفيلم العالمية، يمكن لمومباي أن تكون المحطة التالية.
فمؤخرا وقعت شركة «إنفينيتي» القابضة التي تتخذ من دبي
مقرا لها عقد شراكة بملايين الدولارات مع شركة «ياش
راج فيلمز»، على إقامة منطقة ترفيهية في دبي، التي
تعتبر في الوقت الراهن موقع تصوير استراتيجيا لشركات
بوليوود. فدبي لا تشكل عامل جذب فقط لبقية منتجي
بوليوود بل إن دول الخليج بشكل عام بدأت تشكل عامل جذب
لمنتجي بومباي بالنظر إلى بذل حكومات دول غرب آسيا
قصارى جهودها لدعم شركات الأفلام. ويتوقع أن يعزز سعي
الحكومة الأردنية لتعزيز صناعة السينما في البلاد من
سهولة المنافسة مع أوروبا وأستراليا في الحصول على
مواقع أجنبية لبوليوود.
الميزة الإضافية في السينما الهندية في دبي وتركيا
ومصر والأردن ستكون انخفاض التكاليف في أطقم العمل
المحلية وخدمات الإنتاج مقارنة بأوروبا أو أستراليا،
وأيضا كنوع من الارتباط الثقافي مع المنطقة. ومع
ارتفاع ميزانيات الأفلام في بوليوود خلال السنوات
القليلة الماضية نظرا لارتفاع أجور النجوم والتقنيات
المستخدمة في الأفلام والتسويق، سيكون من المؤكد أن
تجد الصناعة ميزة في الاستفادة من وثوق العلاقات مع
الدول القريبة من الهند فيما يتعلق بفاعلية التكلفة.
من ناحية أخرى يرى البعض أن دبي والأردن قادرتان على
الاستفادة من نموذج مدينة السينما الماليزية التي
أنشئت بهدف محدد، وهو تقديم الإنتاج المتطور وخدمات
بعد الإنتاج للمنتجين الهنود، كما كانت الموقع المفضل
في السنوات الأخيرة لمنتجي الأفلام من الهنود.
وقد وضعت تركيا خطة طموحة لجذب ما لا يقل عن 30 فيلما
هنديا للتصوير داخل حدودها كل عام. وقد اقترح مسؤول
رفيع بوزارة الثقافة التركية في الهند هذه الخطة على
منتجي بوليوود.
تنتج السينما الهندية 3 أفلام في اليوم، منها نحو 300
فيلم تصور خارج الهند كل عام. وقال مسؤول وزارة
الثقافة التركي عبد الرحمن سيليك للصحافة بعد أن قدم
خطة بلاده لاستقطاب السينما الهندية لتركيا: «نهدف إلى
الحصول على نسبة 10 في المائة من الـ300 فيلم التي
تصور خارج الهند إلى تركيا».
كما تتطلع مصر أيضا إلى الحصول على نصيب من السينما
الهندية أيضا. فنظرا للحضور الذي تحظى به الأفلام
الهندية في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي كل عام،
تفكر الهيئة المصرية للسياحة في جذب دور إنتاج الأفلام
الهندية، وقد قامت الهيئة بالفعل بتعيين الممثلة
سيلينا جيتالي كسفيرة لها.
إلى جانب العاصمة المصرية القاهرة، تخطط هيئة السياحة
المصرية للترويج للأقصر، التي تشتهر بآثارها ومعابدها
ومدينة أسوان الواقعة في جنوب مصر (81 كلم جنوب الأقصر)
كأماكن رائعة لتصوير الأفلام.
يقول موهيت سوري مخرج فيلم «ووه لامهي» من السهل
الحصول على تأشيرات قصيرة، في الوقت الذي تشدد فيه
أوروبا من إجراءاتها. إلى جانب ذلك يعد الشرق الأوسط
مزيجا بين الشرق والغرب، وقد صورت فيها لأنني لم أكن
أرغب في أن يبدو مكان التصوير مختلفا ثقافيا.
ويشرح المحلل السينمائي تاران أدارش السر وراء الإقبال
على التصوير في الشرق الأوسط بالقول: «هي أقرب إلى
الهند، وأكثر روعة وأقل تكلفة، والطقس يشبه إلى حد
بعيد الطقس في الهند، وبإمكانك الحصول على الطعام
الهندي من أجل طاقم الفيلم».
الأفلام الهندية التي صورت في سويسرا والمملكة المتحدة
وماليزيا وجنوب أفريقيا ساهمت في تدفق الكثير من
السائحين إلى هذه الدول. وبالمثل شهدت تركيا زيادة
بلغت 73% في عدد السائحين بعد تصوير فيلم «طروادة»
الذي أنتجته هوليوود هناك. ومن ثم فلا عجب في أن تعلن
الحكومة التركية في أبريل (نيسان) عن رغبتها في
استقطاب شركات الإنتاج الهندية للحصول على 10% من كعكة
الأفلام الهندية التي تصور خارج البلاد. والآن تأمل
الأردن في القيام بهذا الدور.
ونظرا لأنها أكبر صناعة للسينما في العالم بحجم إنتاج
يصل إلى أكثر من 1,000 فيلم في العام. تشتهر السينما
الهندية بإنتاج الأفلام التي تقوم على قصص الحب،
والاعتماد على الديكورات الفخمة لدعم مشاهد الفيلم
الخيالية. وبالتالي سعى المنتجون إلى نيل ذلك خارج
الهند في الدول الأوروبية، مثل سويسرا لتصوير الكثير
من المشاهد المترفة لهذه الأفلام.
أما الأفلام التي صورت مؤخرا مثل «اسمي خان» و«نيويورك»
فقد لاقت نجاحا كبيرا في الإمارات وسورية وتركيا
والمنطقة بشكل عام. وأصبح فيلم «اسمي خان» أكثر أفلام
بوليوود رواجا في غرب آسيا حيث حصد 3.75 مليون دولار.
وكان من بين أفضل 4 أفلام عرضت في الإمارات.
المصدر: جريدة الشرق الاوسط
|