الهند تنعش صناعة المصرفية الإسلامية بمؤتمر دولي
بقلم براكريتي غوبتا
نيودلهي:
نظرا لكونها أكبر دولة غير إسلامية تضم أقلية مسلمة،
يبلغ تعدادها 160 مليون مسلم، كان لزاما على الهند أن
تفتح الباب أمام الصيرفة الإسلامية. ونظرا لأنها أحد
أكثر اقتصادات العالم نموا، قال المتحدثون في المؤتمر
العالمي للصيرفة الإسلامية الذي أقيم في ولاية كيرالا
جنوب الهند، إنها ستستفيد بصورة كبيرة من نظام التمويل
الإسلامي.
وكانت مدينة كاليكوت بولاية كيرالا قد استضافت على
مدار يومين مؤتمر التمويل والصيرفة الإسلامية، الذي ضم
200 خبير في هذا المجال، من الهند والولايات المتحدة
والمملكة المتحدة والسعودية والكويت والبحرين، الذي
يعد الأول من نوعه في الهند. جاء المؤتمر دون شك حدثا
تاريخيا، ساهم في خلق وعي حول لمفهوم الصيرفة
الإسلامية داخل القطاع المالي والشركات، في ظل الركود
الحالي في المجال الاقتصادي، إذ لا يزال الأفراد في
الهند ودول العالم الأخرى غير مدركين لمقومات وفوائد
الصيرفة والتمويل الإسلامي.
وقد افتتح عبد الرقيب، الأمين العام لمركز التمويل
الإسلامي الهندي، الجلسة النقاشية بالقول: «إذا كانت
لندن وسنغافورة وطوكيو بها بنوك إسلامية، فلماذا لا
تحذو مومباي وكوتشي حذوها. إذ سيعمل ذلك على استفادة
الاقتصاد الهندي، عبر جذب استثمارات من اقتصادات الشرق
الأوسط الغنية، والباحثة عن مقاصد جديدة للتمويل
الإسلامي، القادر على حل العديد من المشكلات التي
تواجه العالم كالأزمة المالية الحالية».
كما طرح عبد الرقيب أجندة من خمس نقاط تعمل على تسهيل
عمل وإنجاح البنك الإسلامي في الهند.
كان المؤتمر قد عقد في الثالث والرابع من شهر أكتوبر
الجاري، بدعم من مصرف التنمية الإسلامي ، الذي يتخذ من
جدة مقرا له، وشركة التنمية الصناعية في ولاية كيرالا،
وحضره العديد من الوزراء الهنود المسلمين وخبراء
التمويل وأساتذة الجامعات والاقتصاديين البارزين في
الشركات العالمية.
كما شارك في المؤتمر الدكتور حامد سالم الوهيشي، سفير
الجامعة العربية في الهند، والدكتور خلف نمري سفير
رابطة العالم الإسلامي في الهند، والدكتور محمد جابر
يماني من جامعة الملك سعود في الرياض، وعصام إسحق
مستشار شرعي في بنك البحرين الإسلامي، والدكتور محمد
عبيد الله، الاقتصادي في مصرف التنمية الإسلامي في جدة،
والدكتور عبد الرحمن مياس المدير الإداري لشركة كراون
للاستشارات في الإمارات العربية المتحدة، ووليد
الطباطبائي عضو البرلمان الكويتي، والدكتور عبد الرحمن
تمامي من وزارة التعليم بالمملكة، والدكتور مازن
مطبقاني من مركز الملك فيصل للأبحاث في الرياض.
كما حضر الاجتماع ممثلون عن المؤسسات، التي تعمل وفق
قواعد الصيرفة الإسلامية في كيرالا، مثل مؤسسة إدارة
الاستثمار الآمن، التي تعمل في كاليكوت، ومؤسسة
الاستثمار والائتمان البديل ومقرها كوتشي.
وأشار وزير الدولة للسكك الحديدية في الهند، إي أحمد،
الذي افتتح المؤتمر، إلى قدرة التمويل الإسلامي على
الاضطلاع بدور كبير في الهند، كدولة تضم ثاني أكبر
جالية إسلامية في العالم. علاوة على ذلك، فإن التمويل
الإسلامي القائم على مبادئ الشريعة الإسلامية، وهو
قابل للتطبيق في المجتمع ككل في الوقت ذاته.
وأشار أحمد إلى أن النقطة الأهم في هذا الشأن تتمثل في
كيفية تطبيق الصيرفة الإسلامية في دولة علمانية كالهند،
التي تمتلك نظاما بنكيا تقليديا.
ومع وجود أكثر من 160 مليون مسلم في الهند، ستتوفر
الاستثمارات الضخمة من الشرق الأوسط، وستتوفر فرص
الاستثمار التي توفرها البيئة الاقتصادية الهندية.
وستتاح للبنوك التي يوجد بها أقسام للمعاملات
الإسلامية في الهند والخارج، ميزة على البنوك الأخرى،
في إمكانية جلب التمويلات الاستثمارية للهند، عبر
التأكيد للمستثمرين أن هذه الاستثمارات ستوظف بالشكل
الأنسب في الهند عبر أحكام الشريعة الإسلامية.
وهناك خمس شركات هندية هي ريلاينس إنداستريز
وإنفوسيستمز تكنولوجيز ويبرز، وتاتا موتورز، وساتيام
كومبيوتر سرفيسز، موجودة ضمن مؤشر بريك للشريعة
الإسلامية، ضمن مؤشر ستاندرد آند بور. وإلى الآن لم
يستقر المصرف المركزي الهندي على صياغة للصيرفة
الإسلامية في الهند.
وقد كان الأمر موضع دراسة بعد أن أيدت اللجنة الشهيرة
المختصة بإصلاح النظام المالي، والتي ترأسها كبير
الاقتصاديين بصندوق النقد الدولي السابق راغورام راجان،
عن النظام المالي الخالي من الفائدة لجذب المزيد من
الاستثمارات. وقد استخدم راجان تعبير «صيرفة من دون
فوائد» بدلا من «الصيرفة الإسلامية»، وقال إن الصيرفة
من دون فوائد لا تعني الإحسان بالطبع، لكنها تعني أن
المستثمر أو المقرض لن يحصل على فائدة، لكنه سيحصل على
تعويض عبر تقاسم الأرباح.
وأشار كل من توماس إيزاك، وزير الدولة للتجارة بولاية
كيرالا، وإلمارام كريم، وزير الصناعة، إلى الإمكانات
الكبيرة التي تتمتع بها الصيرفة الخالية من الفائدة
والتمويل الإسلامي في كيرالا، التي تعمل في الوقت
الحالي على تأسيس أول مؤسسة مصرفية إسلامية خاصة،
والتي سيكون لها أفرع في جموع الهند، وسوف تظهر
تدريجيا كبنك إسلامي عالمي.
وأكد عضو البرلمان الهندي، عبد الوهاب، على أن مجلس
الشريعة للمؤسسة المالية الإسلامية في كيرالا يجب أن
يكون له تمثيل عالمي، كما هنأ حكومة كيرالا على سعيها
في تطبيق مشروع الصيرفة الإسلامية، في الوقت الذي
يساوي فيه العالم الإسلام بالإرهاب.
وأشار الدكتور حسين ماداوور، عميد كلية آر يو إيه، إلى
أن على الحكومة الهندية أن تصدر تراخيص للمؤسسات
لتقديم خدمات الصيرفة والتمويل الإسلامي، وتقديم نوع
من المحاضرات حول هذا الموضوع. وأضاف أن المحاضرات حول
الصيرفة والتمويل الإسلامي، ستقدم في الكلية، ما إن
تحصل على تصديق من الحكومة والجامعة. ومثل تلك
المحاضرات ستوفر المزيد من فرص العمل للهنود في دول
الخليج العربي.
وقد تحدث المحاضرون في المؤتمر عما يقرب من 15 موضوعا،
مثل مبادئ التمويل الإسلامي والمنظور الإسلامي للأخلاق
في العمل، وإدارة مشروع ناجح من دون قروض والتمويل
الإسلامي للتنمية المستدامة وسوق رأس المال وصناديق
الاستثمار الإسلامية المشتركة وصناديق تمويل المخاطر
والتأمين الإسلامي ومتطلبات الموارد البشرية في
المؤسسات المالية الإسلامية والمؤسسات التعليمية
والبحثية في التمويل الإسلامي. وعلى الرغم من تأييد
راجان لفكرة الصيرفة الخالية من الفائدة، إلا أن
الحكومة الهندية لم تتخذ خطوات عملية تجاه إقرار هذا
الرافد الغني، على عكس الدولة العلمانية مثل بريطانيا،
التي يوجد بها أقل من 2 مليون مسلم، وبها ستة بنوك
إسلامية، تم تأسيس ثلاثة منها في عام 2008.
بيد أن الحكومة الهندية تسعى نحو تقديم الصيرفة
الإسلامية إلى الهند، وقد أكمل البنك الاحتياطي الهندي
دراساته في هذا الاتجاه. وقامت الهيئة المنظمة لسوق
الأسهم الهندية، هيئة البورصة والأوراق المالية
الهندية (سيبي)، بمنح تراخيص لمنتجات السندات المالية
الموافقة للشريعة الإسلامية. ومن المأمول أن نشهد صعود
نجم الصيرفة الإسلامية في الهند خلال الأعوام القليلة
المقبلة.
المصدر: "الشرق الاوسط" |