الهند في الاعلام العربي :
الانتخابات الهندية تقدم فرصة هائلة لادارة
اوباما لتعزيز العلاقات بين البلدين
وليام
كوهين
حين
فاز حزب المؤتمر في الهند فوزاً كاسحاً، وغير
متوقع، في الانتخابات الوطنية في 16 مايو، زأرت
بورصة أسهم مومباي وقفزت بنسبة قياسية بلغت 17 في
المائة خلال أول 55 ثانية من بدء التداول. فلماذا
تبدي الشركات كل هذه السعادة؟ لأن نتائج
الانتخابات تسمح لرئيس الوزراء، مانموهان سنغ،
مهندس الإصلاحات الاقتصادية الهندية في أوائل
التسعينيات، بتشكيل حكومة جديدة، دون الأحزاب
اليسارية التي أعاقت جهوده في تحقيق مزيد من
التحرر خلال السنوات الخمس الماضية. وبإمكان سينغ،
من خلال أوسع تفويض لأي حكومة هندية على مدى نحو
عقدين، فرض تشريع جريء في الوقت الراهن، بحيث
يتضمن إصلاحات مالية، وعمالية، وزراعية من شأنها
دعم الاقتصاد الهندي، ومساعدة مزيد من السكان على
تحقيق تطلعاتهم.
وتقدم الانتخابات فرصة هائلة
للهند، وكذلك لإدارة الرئيس باراك أوباما. فلدى
الرئيس أوباما، الآن فرصة للبناء على الانفتاح
الذي حققه سلفاه، وذلك بتوسيع كبير للعلاقات
الاقتصادية، والأمنية، مع الهند ودعم العلاقات بين
أكبر ديمقراطتيين في العالم. دخلت الولايات
المتحدة خلال الحرب الباردة، في حلف مع باكستان،
بينما كانت الهند أكثر ميلاً للاتحاد السوفياتي،
الأمر الذي استنزف العلاقات بين نيودلهي وواشنطن.
وتم تحقيق بعض التقدم بعد نهاية
الحرب الباردة، لكن العلاقات أصيبت بنكسة بعد
إجراء الهند تجاربها النووية عام 1998، ما أدى إلى
فرض الولايات المتحدة عقوبات عليها. وقام الرئيس
بيل كلينتون عام 2001 بزيارة تاريخية إلى الهند،
وقدم رسالة واضحة بأن الولايات المتحدة تريد علاقة
جديدة. وبنى جورج دبليو بوش على ذلك الأساس، ورفع
العقوبات وحسّن العلاقات في مجال التعليم،
والزراعة، والثقافة، والتجارة، والتكنولوجيا
المتقدمة، والطاقة النظيفة، والنشاطات الفضائية
السلمية، والدفاع. ووقع اتفاقية للتعاون النووي في
الأغراض السلمية وأمَّن دعم الكونغرس لها.
ولدى أوباما الآن فرصة لنقل هذه
العلاقات إلى مستوى جديد. وبوجود حكومة قوية
ومستقرة في نيودلهي، سيكون لديه شريك يمكن
الاعتماد عليه، ويريد أن يعمل مع أمريكا، ولديه
القوة للتقدم والعمل في عدد من المجالات الحيوية.
لكن الهنود ينتظرون إشارة من واشنطن بأن الرئيس
الجديد مهتم بتدعيم العلاقات، وبأن الولايات
المتحدة ملتزمة في الأجل الطويل. أحد المجالات
الحيوية للتعاون هو مكافحة الإرهاب. أعلن سنغ أن
حماية شعبه ستكون "أولوية قصوى" لحكومته الجديدة،
كما أن الهنود سيلزمونه بما قال. والهند محاطة
"بطوق من النيران؛ باكستان، وأفغانستان، ونيبال،
وبنغلادش في الشمال، ووضع متحسن، وإن كان لايزال
معرضاً للتقلب، في سريلانكا في الجنوب.
وعلى إدارة أوباما إيجاد طرق
جديدة لتعاون جديد في الحرب ضد الإرهاب بين
الحكومتين، وكذلك بين القطاعين الخاصين. ويمكن
للتعاون في مجالات مثل الأمن القومي أن يفيد
البلدين. وعلى الرئيس، كذلك، أن يوضح لنيودلهي أن
تركيز إدارته الجديد على أفغانستان، وباكستان لن
يكون على حساب علاقات أمريكا مع الهند. علينا كذلك
توسيع التعاون الدفاعي. ولسوء الحظ، اتفاقية
الإطار التي وقعت عام 2005 لم تترجم بعد إلى زيادة
مهمة في برامج الدفاع التجارية. لكن بعد أن أمّن
سنغ، في الوقت الراهن، أغلبية قوية في البرلمان،
أصبحت لدى حكومته القدرة على توسيع تجارة الدفاع
بين البلدين. وبتشجيع الهند على شراء المعدات
الأمريكية، ومنحها تكنولوجيا متقدمة للغاية تحتاج
إليها لدعم الأمن، فإن أوباما يستطيع مساعدة الهند
كي تصبح شريكاً أكثر فاعلية، وكذلك إيجاد وظائف
ذات متطلبات مهارية عالية للأمريكيين.
لدى الرئيس كذلك فرصة لتوسيع التجارة،
والاستثمارات. ارتفعت التجارة بين البلدين في
الفترة 2000 - 2007 بما يزيد على 300 في المائة،
وبلغت الاستثمارات الخارجية المباشرة ذروتها. غير
أن الانتقاد الذي وجهه أوباما أخيراً إلى انتقال
الوظائف من بفالو إلى بنغالور، جعل الهنود
يتساءلون ما إذا كان ذلك سيترجم إلى زيادة في
الحمائية. وعلينا اغتنام الفرصة التي أتاحتها
الانتخابات الهندية لمعالجة مثل هذه المخاوف
وإقامة ودعم علاقات جديدة في مجال التجارة
والاستثمار.
على أوباما كذلك أن يقود إصلاحاً
على مستوى الأمم المتحدة يمنح الهند مقعداً دائماً
في مجلس الأمن. ومن شأن ذلك منح منطقة جنوبي آسيا
قوة استقرار ضرورية للغاية، وكذلك الاعتراف
بالأهمية المتزايدة للهند في العالم. على الرئيس
أيضا أن يشجع انضمام الهند إلى مزيد من المنتديات،
بما في ذلك المنتدى المقترح الأوسع نطاقاً لمجموعة
الثماني، والمنتدى الاقتصادي لآسيا الباسيفيكية،
ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. إن الولايات
المتحدة، والهند، في وضع يسمح لهما بإقامة علاقة
كان من المستحيل تخيلها قبل عدة عقود. أصبح هذا
الإنجاز ممكناً، لكنه يتطلب اهتماماً وقيادة من
جانب البيت الأبيض.
(الكاتب رئيس مجلس إدارة مجموعة
كوهين، وعضو في مجلس مديري مجلس الأعمال الأمريكي
ـ الهندي. شغل منصب وزير الدفاع في الولايات
المتحدة في الفترة 1997- 2001).
(نقلا عن موقع "الاقتصادية")
|