اخبار اقتصادية:

مساهمة د. مانموهان سينغ في قصة نجاح الهند الاقتصادي

مومباي - اخبار الهند:

كان الأداء الاقتصادي لحكومة " حزب المؤتمر " هو نقطة القوة الرئيسية في بطاقة اعتمادها لدى الناخبين الهنود في الانتخابات البرلمانية التي خرجت نتائجها من توها، أما من يقف خلف الأداء الاقتصادي لهذه الحكومة، فهو رئيسها نفسه مانموهان سينج، الأكاديمي ورجل الاقتصاد المخضرم الذي يستعد الآن لقيادة أكثر من مليار هندي للمرة الثانية على التوالي.

كانت الأزمة الاقتصادية إحدى أهم قضايا حملة الانتخابات الهندية، حيث ركز تحالف حزب "المؤتمر الوطني" على نجاحاته الاقتصادية في الفترة الماضية مبرزاً أفكار سينج وسياساته الرامية لضمان استمرار هذه النجاحات في ظل الأزمة العالمية، وللحفاظ على حقوق الفقراء، وقيم الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.

فتلك الإنجازات هي ما جعل سينج يصبح أول رئيس وزراء هندي، منذ جواهر لال نهرو، يعاد انتخابه لولاية ثانية،

ولد مانموهان سينج عام 1932 في إحدى قرى إقليم البنجاب لأسرة سيخية، لكن بعد تقسيم شبه القارة الهندية عام 1947، كان واحداً من ملايين اللاجئين الذين نزحوا في الجانبين، حيث لجأ مع أسرته إلى مدينة "أمريستار" الهندية. درس الاقتصاد في جامعة البنجاب، ثم كان أحد المتفوقين المستفيدين من المنح الدراسية في جامعة كامبريدج، وبعدها في جامعة أوكسفورد حيث حصل منها في عام 1962 على شهادة الدكتوراه عن أطروحة عنوانها "أداء الصادرات الهندية". بعد ذلك عمل في "الأونكتاد" حتى عام 1969، ثم درَّس في جامعة دلهي، وعمل في وزارة التجارة والمالية الهندية، إلى أن عُين في عام 1982 حاكماً للمصرف المركزي الهندي، ثم نائباً لرئيس لجنة التخطيط في الهند بين عامي 1985 و1987، ثم بعد ذلك عمل مديراً في البنك الدولي. وفي عام 1991 أصبح وزيراً للمالية في حكومة رئيس الوزراء "ناراسيمها راو" المنتمي إلى "المؤتمر الوطني"، وحينها كانت الهند على وشك الإفلاس، فانتهج راو وسينج سياسة انفتاح أنقذتها من الانهيار. طبق سينج برنامج إصلاح اقتصادي غير مسبوق في الهند، مستهدفاً تحرير الأسواق، والانفتاح على الاقتصاد العالمي، والعمل على محاربة البيروقراطية، وتبسيط نظام الضرائب، وإلغاء القيود الأخرى... فانتعش الاقتصاد، وتطورت الصناعة، وتقلص التضخم، وتراجعت البطالة، وزادت معدلات النمو.

أما إنجازات سينج السياسية فلم تكن بالقدر نفسه، حيث عرف بنفوره من السياسيين وعدائه للفساد السائد في أوساط النخب السياسية... فقد دخل عالم السياسة بالمصادفة حين انتخب عضواً في "راجيا سابها" (مجلس الشيوخ) على قوائم "المؤتمر الوطني" بين 1991 و1996، ثم عضواً في مجلس النواب منذ عام 2001، لكنه خسر السباق للحصول على مقعد برلماني حين كان وزيراً للمالية. ورغم أكاديميته الاقتصادية الصارمة، فقد تولى زعامة المعارضة في الفترة من 1998 إلى 2004. وفي ذلك العام استعاد "حزب المؤتمر" قيادة الهند، فقررت زعيمته سونيا غاندي الاعتذار عن تولي رئاسة الوزراء، مُرشِّحة سينج لذلك المنصب.

وخلال ولايته الأولى ركز سينج على الحد من العجز المالي، وتخفيف عبء الديون على المزارعين الفقراء، وتوسيع البرامج الاجتماعية، والنهوض بقطاع السياحة، وتطوير النظام الضريبي... مما ساعد على توسع الاقتصاد الهندي، والوصول بمعدلات نموه إلى سقف الـ8 في المئة.

وفضلا عن  كونه رجل اقتصاد بالدرجة الأولى، وأحد أفضل رؤساء الحكومات في العالم سجلا أكاديمياً، فقد اكتسب منزلة رفيعة في المجتمع الدولي بفضل دبلوماسيته الخارجية، لاسيما تعزيزه علاقات بلاده مع الولايات المتحدة ، وروسيا ، ودورها في أفغانستان، واتجاهها نحو تسوية القضايا العالقة مع كل من باكستان والصين.