|
|
الهند الصامدة
شاشي ثارور
 منذ
عام 1991 حررت الهند اقتصادها واستفادت من العولمة، ونجح
روادها من البارعين في تكنولوجيا المعلومات، ومهندسو
البرمجيات، ومشغلو مراكز الاتصال، في تحويل الهند إلى قصة نجاح
اقتصادي.
لقد ضاعفت الهند مستويات دخل الفرد لديها عدة مرات منذ عام
1950، وفي السنوات الأخيرة كانت الزيادة التي حققتها في
مستويات الدخل أسرع من نظيراتها في بريطانيا والولايات المتحدة
أثناء الثورة الصناعية وبعدها.
وأثناء الأعوام الخمسة عشر الماضية كان عدد المواطنين الذين
نجحت الهند في انتشالهم من براثن الفقر أكبر من مجموع مواطنيها
الذين أنقذتهم من الفقر طيلة الأعوام الخمسة والأربعين الماضية
ـ 10 ملايين نسمة سنوياً في المتوسط طيلة العقد الأخير. لقد
ازدهرت البلد بوضوح، وبالرغم من النمو السكاني فقد نما دخل
الفرد على نحو أسرع من أي وقت مضى. ومن غير المحتمل أن تؤدي
الأزمة المالية الحالية إلى تغيير أساس قصة النجاح هذه.
لا شك أن الأنظمة الاقتصادية التي تعتمد على الاستثمار الأجنبي
لابد وأن يلحق بها الضرر في أيامنا هذه، وذلك لأن رؤوس الأموال
المتاحة لدى المستثمرين باتت ضئيلة.
ولكن لدينا من الأسباب ما يدعونا إلى الثقة في قدرة الهند على
الصمود في وجه العاصفة:
الأول أن الموارد التي تستطيع الهند توجيهها نحو النمو لا
يستهان بها، ولقد أثبتت مهارتها في فن توجيه المدخرات المحلية
نحو استثمارات منتجة. والثاني أن المستثمرين الباحثين عن مكان
لوضع أموالهم سوف يتطلعون من جديد إلى الهند بمجرد أن تبدأ
الأمور بالاستقرار في الغرب، وذلك نظرا لفرص النمو التي تتيحها
الهند وحجم سوقها الهائل.
لا شك أن الهجمات الإرهابية التي وقعت في نوفمبر/تشرين الثاني
الماضي كانت سبباً في تعقيد هذه القصة. فقد استهدف الإرهابيون
المركز العصبي المالي للهند وعاصمتها التجارية. لكن الهند بدأت
تسترد عافيتها بالفعل. فالفنادق التي هوجمت واحترقت في
نوفمبر/تشرين الثاني أعادت فتح أبوابها بعد شهر واحد. وبدأ
المستثمرون في العودة، ومن المتوقع أن تتجاوز تدفقات الاستثمار
المباشر الأجنبي لهذه السنة المالية الخمسة والعشرين مليار
دولار التي تلقتها الهند أثناء العام المالي 2007-2008. وفي
نهاية فبراير/شباط، أكد رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينج
للبرلمان أن الهند سوف تخرج من الأزمة الاقتصادية الحالية وهي
الأقل تأثراً بها بين بلدان العالم.
لذا فإن هؤلاء الذين يبحثون عن إشارات التعافي من الانحدار
الاقتصادي العالمي يتعين عليهم أن يتطلعوا إلى الهند. وطبقا
لتقييم البنك الدولي السنوي للتوقعات الخاصة بالاقتصاد العالمي
فإن الاقتصاد الهندي قد يتضاعف في الحجم إلى ثلاثة أمثاله في
غضون الخمسة عشر إلى العشرين عاماً المقبلة. وآنذاك فقد يتحول
المزيد من سكان العشوائيات إلى مليونيرات، وليس بطل فيلم
مليونير العشوائيات فقط.
الكاتب هو الوكيل الأسبق للأمين العام
للأمم المتحدة
|
|
