الاهتمام بالفن في الهند ثقافة واستثمار
راما لاكشامي
نيودلهي:
في تجمع مليء بالألفة بين الفنانين والطلاب
والجماهير عقد الأسبوع الحالي، تحدث مصور الفنون
الجميلة الأميركي واسوو إكس واسوو عن تجربته غير
المعتادة في فن التصوير الفوتوغرافي الرقمي للوحات
المرسومة يدويا وعن عمله مع فنانين هنود تقليديين.
وفي محاضرة تهدف إلى نشر الوعي بالفن الهندي
المعاصر، تحدث واسوو عن رحلته من العمل الفردي إلى
الانخراط في مشروعات جماعية في الهند. ثم قال
لجمهوره إن خبرته جعلته في مأزق عند عرض أعماله،
المكونة من مجموعة من صور الاستوديو التي تظهر
بائعين في الشارع وعمالا يدويين يقفون أمام خلفية
من اللوحات المرسومة يدويا.
وقال واسوو عن معرضه «استوديو في راجستان»، الذي
تم افتتاحه في نيودلهي في الشهر الماضي: «عندما
حان وقت عرض أعمالي في صالة العرض، واجهت سؤالا
أخلاقيا: هل هذا العمل من إنتاجي؟ يوجد شخص قام
بتطريز اللوحة الخلفية، ويوجد آخر رسمها، ويوجد
الشخص الذي لون الصورة يدويا وهو يعمل على الصور
الرقمية المطبوعة. وأنا ألتقط الصورة. إنه عمل
جماعي. لذا وقعت على الصورة من الأمام ووقع الفنان
الذي لونها من الخلف».
وفي العامين الماضيين، انتشرت مثل هذه البرامج
الفنية في العاصمة من أجل سوق المزدهرة للفن
الهندي والاهتمام العام المتزايد بين أفراد الطبقة
العليا المتوسطة في المدينة. وقد أطلقت إحدى الصحف
الهندية، وهي إنديان إكسبريس، على ما يحدث في
الفترة الأخيرة «فن 101» في نيودلهي.
وتقول مانيشا باريك بعد الاستماع إلى واسوو: «إن
الفن الهندي المعاصر يطلق محاولة من برج عاجي،
وقليل للغاية من يفهمه بالفعل. وتعد مثل هذه
الحوارات مهمة بالفعل، ليس فقط للأشخاص العاديين
ولكن للفنانين أيضا».
وكما يقول أمناء المعارض الفنية، أحيانا ما يعكس
الفن الهندي المعاصر الصراع والتناقضات في دولة
بها ما يزيد على مليار نسمة وتمر بمرحلة انتقالية
إلى مركز قوة اقتصادي. ووفقا لبيت المزادات الهندي
أوسيان، تشهد تجارة الأعمال الفنية الهندية نموا
بنسبة 35 في المائة سنويا.
وفي الأعوام الخمسة الماضية، تسببت زيادة مبيعات
الأعمال الفنية الهندية في المزادات العالمية في
نشر أقاويل عن أن الهند قد تكون مركزا جديدا لسوق
الفن العالمي، مما دفع العديد من الهنود من غير
ذوي الخبرة إلى الاستثمار في مجال الأعمال الفنية.
وفي صالة مزاد سوثبي في الأسبوع الماضي، بيعت لوحة
مرسومة بالألوان الزيتية على الاكريليك لا تحمل
عنوانا للفنان الهندي م ف حسين بمبلغ 374,500
دولار. ولكن تسبب التراجع الاقتصادي في انخفاض
أسعار بيع أعمال فنية هندية أخرى في المزادات في
العام الحالي. ويقول بعض أصحاب المعارض الآن إن
التراجع الاقتصادي يمثل فرصة للناس كي يستغرقوا
وقتا في التعلم قبل الاندفاع في الشراء.
وفي الشهر الماضي، أقام مركز محلي جديد في إحدى
الضواحي اسمه إبيسنتر دورة تدريبية كمقدمة مدتها
يومان وسعر اشتراك الفرد 30 دولارا. وتقدم المعارض
الفنية الخاصة لقاءات فنية من خلال زيارة مقتني
مجموعات فنية عالميين وأمناء معارض دوليين ومن
خلال عقد فعاليات فنية مثل «لقاء مع فنان» في
حفلات افتتاحها.
وتقول آسثا ألماست، الباحثة التي تبلغ من العمر 23
عام في وكالة التصنيف المالي ستاندرد أند بورز،
إنها حضرت الدروس مع والدها.
وتضيف: «أنا مهتمة بالفن، ولكن لا أعرف الكثير
عنه. وأريد أن أبدأ في الشراء. ومن الأفضل دخول
السوق في فترة الركود. ولا زلت مبتدئة، ولكن لدي
رؤية مميزة بعض الشيء الآن».
واستطردت قائلة إن الفصول، التي تقدم مجموعة من
الدروس تتناول التراث الهندي الكلاسيكي إلى الفن
المعاصر والفنانين، تقام بالقرب من معرض فني.
وتقدم أيضا نصائحها حول كيفية مشاهدة الأعمال
الفنية.
تقول كافيتا سينغ، أستاذ مساعد في كلية الفنون
والجمال في جامعة جواهرلال نهرو: «غالبا ما تكون
برامج الوعي الفني مزدحمة، حتى لا تجد مكانا
للجلوس. إنها توضح أن الناس شغوفون بهذا النوع من
الحوار. ويوجد هؤلاء الذين يعانون من حاجة ملحة
للتعلم لأنهم استثمروا في الفن من أجل الحصول على
ربح سريع. ومن المؤسف إن المتاحف العامة في
المدينة بها برامج تعليمية بدائية تجذب مجموعات
مدرسية تدخل وتخرج فقط. وتسد المعارض الخاصة وبيوت
المزادات التي يوجد بها جانب تجاري هذه الفجوة».
وتبدأ المعارض الخاصة أيضا في فتح أبوابها لأطفال
المدينة، هؤلاء القادمون من العشوائيات وهؤلاء
القادمون من أسر بها مقتني أعمال فنية.
تقول بارول فاديهرا، مديرة مركز فاديهرا الفني:
«إننا ندعو مجموعات صغيرة من الأطفال للحضور
والمشاركة في أنشطة يدوية في معارضنا. وهذا يقلل
من الشعور بالخوف الذي ينتاب الناس تجاه الفن
المعاصر».
ويشهد المتحف الفني في العاصمة، المتحف الوطني
للفن الحديث، الذي تديره الحكومة، والذي يبلغ من
العمر 55 عاما، تغيرا مع الوقت أيضا.
وفي شهر يناير (كانون الثاني)، افتتح المتحف، الذي
يعرض ما يزيد على 17,000 عمل فني حديث، جناح عرض
جديد ضاعف من حجم المتحف ست مرات.
وقال راجيف لوشان مدير المتحف إن المتحف سيعاود
تقديم دورة تقدير الفنون المسائية والجولات التي
يصاحبها مرشدون هذا الصيف. وذكر أن المتحف يخطط
لإعادة إشراك العامة عن طريق عدد من البرامج
الدراسية والحوارات الفنية التفاعلية والفعاليات
التي يحضرها فنانون.
وأضاف أنه على النقيض من المتاحف، توجد أهداف
تجارية لدى المراكز الفنية الخاصة.
واستطرد لوشان: «الدافع الأساسي وراء المراكز
الفنية، حتى القديمة والشهيرة منها، والتي أصبح
العديد منها مقرا للفنانين الناشئين، هو الأرباح،
وهو ما يتطلب منهم إشراك العامة وتعليمهم وتقديم
ما يملكونه لهم عبر طريق ثقافي مستتر تحت مسمى
’برامج نشر الوعي الفني‘».
نقلا عن جريدة "الشرق الاوسط"
|