علاقة الهند مع مصر ناجمة عن سياستها"النظر إلى
الشرق"
أخبار الهند – مومباي :
في
ضوء بناء الأمن العالمي الذي يعيد رسم واجبات
القوة الكبرى للولايات المتحدة، فإن المزيد من
الدول توسع جهودها للوصول إلى الأصدقاء والحلفاء
ردا على الدينامية الجيوسياسية المتغيرة، وهنالك
شراكات جديدة تحركها الهواجس الواقعية بصورة
متزايدة، والتعاون الأخير بين الهند ومصر- وهما
صديقتان تقليديتان - مثال نموذجي كتب باراما سينها
باليت في مقاله والذي أورده موقع "الاقتصادية".
والزيارة التي قام بها الرئيس المصري، حسني مبارك،
إلى الهند مؤخرا، بعد 25 سنة، تفتح فصلا جديدا في
الشراكة الهندية - المصرية، وتمخضت الزيارة عن عدة
اتفاقيات، بما فيها معاهدة تسليم المطلوبين
والتعاون في الاستكشاف واستخدام الفضاء الخارجي
لأغراض سلمية.
وتم أيضا التوقيع على مذكرات تفاهم في التجارة
والتعاون التقني والصحة والطب. ويتعين عدم النظر
إلى محاولات الهند لبناء علاقات قوية مع مصر بمعزل
عن أمور أخرى، فهنالك نتيجة طبيعية لمحاولات الهند
الواعية للانخراط ليس فقط في إفريقيا بل بلدان
مهمة أخرى في الشرق الأوسط أيضا، فالانخراط في
المنطقة الأخيرة تحركه مصالح اقتصادية واستراتيجية.
تلتقي الهند ومصر في هواجس وطنية مشتركة، فكل
منهما تملك قوى عاملة مؤهلة وفتية وناطقة باللغة
الإنجليزية، وخلق فرص وظيفية جديدة للشبان
المؤهلين يشكل تحديا كبيرا أمام كلا البلدين، كما
أن الهند ومصر قلقتان من الأصول الإسلامية، وهذه
الهواجس المشتركة توفر الفرصة لتحسين العلاقات
الثنائية من خلال تعاون بناء.
وفي ضوء الأزمة المالية العالمية التي تبدو ضخمة،
فإن كلا البلدين يتصوران مدى ملحوظا لتوسيع
العلاقات الاقتصادية، فمصر تشكل نحو 40 في المائة
من تجارة الهند مع شمال إفريقيا، وصادرات الهند
إلى مصر زادت إلى 1.4 مليار دولار خلال 2007/
2008، بعد أن كانت 760 مليون دولار خلال 2006/
2007، وارتفعت واردات الهند من 1.7 مليار دولار
خلال 2006/ 2007 إلى ملياري دولار خلال 2007-
2008، وتعد مصر مصدرا رئيسيا للنفط والغاز بالنسبة
للهند.
واتفق البلدان على تمتين العلاقات التجارية من
مستواها الحالي البالغ ما بين 3 و4 مليارات دولار
إلى خمسة مليارات دولار بحلول عام 2010، وإلى عشرة
مليارات دولار بحلول عام 2014.
والهند تدرك موقع مصر الاستراتيجي في توفير الوصول
إلى السوق المشتركة البالغ عدد أعضائها 20 عضوا
لشرق وجنوب إفريقيا، COMESA، والاتحاد الأوروبي
الذي يتكون من 27 دولة، ومنطقة التجارة الحرة
العربية، وكان هنالك استثمارات كبيرة من قبل
الشركات الهندية في مصر، وقد استثمرت شركات هندية
بارزة مثل Tata Chemicalas and Reliance
Industries، ومؤسسات تملكها الدولة مثل مؤسسة
النفط والغاز الطبيعي، ONGC وهيئة الغاز الهندية
GAIL أكثر من 800 مليون دولار في مصر.
ومع توسيع شركات هندية أخرى بارزة وجودها في مصر
مثل Ranbaxy Kirloskar, Dabour, Ashok Leyland,
Essel, Vodafone and Wipro فإن هنالك إمكانية قوية
لظهور الهند كمستثمر أجنبي بارز في مصر.
بينما تعد الاتصالات، والتكنولوجيا، والصناعة
مجالات بارزة للتعاون، إلا أن البلدين يخططان
للتعاون في القطاع الزراعي أيضاً. ويشير اقتراح
مصر إلى تأسيس منطقة صناعية للمنتجات الهندية
حصرياً إلى حرصها الشديد على تعزيز الترابط
الاقتصادي. وحدد البلدان نطاقاً من القطاعات
المختلفة من أجل التعاون المحتمل. وتشمل تلك
القطاعات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والصلب،
والبناء، والمعدات الزراعية، والمنتجات الدوائية،
والسياحة، وقطع السيارات، والأسمدة، والفنادق،
والمنسوجات، والتقنية الحيوية، وتعزيز الوقود
الصديق للبيئة المستخدم في وسائل النقل.
إن الهند ومصر مصممتان على تعويض الوقت الضائع
بتسريع العلاقة السياسية والاقتصادية. وفي حين أن
الاقتصاد يشكل جزءاً حيوياً من هذه الجهود، إلا
أنه لا يتم إهمال التعاون الاستراتيجي. وقرر
البلدان إقامة حوار استراتيجي على مستوى وزراء
الخارجية. ويتوقع أن يسهل الحوار المشاورات
المنتظمة بشأن التحديات الثنائية الأطراف،
الإقليمية، والعالمية، إضافة إلى حوار منفصل بشأن
السياسة الأمنية. وأخيراً، في إشارة واضحة تؤكد
اهتمام البلدين في تعزيز نظام دولي أكثر استجابة
ومسؤولية، اتفقت الهند ومصر على ضرورة إصلاح الأمم
المتحدة.
تنظر الهند إلى مصر كسوق حيوية توفر فرصاً مهمة
لصادراتها ومستثمريها. وتتطلع أيضاً إلى مصر كمصدر
رئيسي للطاقة. وتتسق تلك مع الأساسيات التي تحكم
جهودها لإشراك إفريقيا. أما مصر من الناحية الأخرى،
فإنها ترغب بشدة في بناء روابط مع الهند بالنظر
إلى المركز الاقتصادي والاستراتيجي المتنامي لتلك
الأخيرة. ويلتقي البلدان في هواجس مشتركة أيضاً.
بوجود عدد مهم من العلاقات الثنائية التي ازدادت
قوة خلال فترة تولي مانموهان سينج السلطة، فإن
الخطوط العريضة للسياسة الخارجية الهندية التي
تأخذ اتجاهات عديدة في القرن الحادي والعشرين تبدأ
في اتخاذ شكلاً ما. وتعد إفريقيا والشرق الأوسط
جزءاً من "سياسة النظر إلى الغرب" الهندية، حيث
تسعى نيودلهي إلى الوصول إلى شركاء مثل مصر، وتشرك
في الوقت ذاته بلداناً رئيسية مثل إيران وإسرائيل.
ومع ذلك، لن يكون الأمر سهلاً. ففي حين أن مصر
تعمل على إصلاح العلاقات مع إيران، إلا أن روابطها
مع إسرائيل لم تكن "طبيعية". وفي حين أن علاقة
نيودلهي مع القاهرة يمكن ألا تفسد محاولتها
التواصل مع طهران، إلا أن صداقتها المتجددة مع مصر
يمكن أن تسبب التوتر في إسرائيل. وتسعى الهند إلى
أن تبقى "مشتركة" مع اللاعبين الثلاثة المهمين.
والأمر المثير، بالنظر إلى الديناميكية السياسية
الدولية الحالية، هو احتمال ألا يكون القيام بذلك
صعباً، بالنسبة للهند تحديداً.
|