English Translation   ترجمة اتصلوا بنا مجلة صادرات  الهند الصفحة الأولى
 

كيف تجاوزت الهند عقبات نحو تحرير الاسواق

مومباي:  13 اكتوبر 2007م
حققت الهند معدل نمو اقتصادي سنوي يزيد على 8 في المائة خلال السنوات القليلة الماضية. وبينما تعتبر قصة التحرر الاقتصادي الهندي معروفة، فإن الجوانب الاجتماعية والنفسية لتلك العملية التحررية لا تزال غير معروفةٍ  لغاية الآن. ولهذه الجوانب مضامين كبرى بالنسبة لهذا البلد، ومسألة الاستدامة المتعلقة بدورها المستقبلي في الاقتصاد العالمي.
وشهد عام 1993 حدوث التعديل الثالث والسبعين للدستور الهندي، مما أدى إلى انتخابات مباشرة في مئات الآلاف من المراكز الريفية في مختلف أرجاء الهند (في الهند 600 ألف قرية). وتفرض القوانين الهندية الخاصة أن يكون ثلث عدد الناجحين في هذه الانتخابات من النساء. ونتيجة لذلك تم انتخاب 3.2 مليون مشرع محلي على مستوى الدوائر الريفية. ويزيد عدد النساء بينهم على مليون امرأة. وتحقق هذه التطورات المتسارعة نجاحات كبرى على مستوى التغير الاجتماعي المنشود في هذا البلد الآسيوي الكبير. ويبدو أن أشكال التغير الاجتماعي متسارع الظهور لم يكن لها أي مثيلٍ في التاريخ. وتعمل المراكز المدنية الكبرى في العادة على دعم جهود التنمية الاقتصادية في مختلف البلدان. ولم تكن في الهند قبل 40 عاماً سوى 8 مراكز مدنية يزيد عدد سكان الواحد منها على مليون نسمة. أما اليوم، فهنالك 36 مركزاً من هذا المستوى السكاني الكثيف.
وكان من المتعارف عليه أن خدمات الكمبيوتر المتقدمة، وصناعة البرمجيات، تظل حكراً على المدن الكبرى، إلا أن عدة مدن وبلدات متوسطة في جنوب الهند نالت نصيباً عالياً من هذا التطور التقني المميز خلال السنوات القليلة الماضية.
وخلافاً لليابان، وكوريا الجنوبية، والصين، هذه البلدان التي مرت بقرنين أو ثلاثة قرون من العزلة الاقتصادية والاجتماعية خلال مئات الأعوام القليلة الماضية، فإن الهند لم تعان ِ على الإطلاق من العزلة. و حتى في الفترة الخاصة التي امتدت لـ 43 عاماً بعد الاستقلال وصولاً إلى عام 1990، فإن الهند شهدت عهداً نشيطا من إنشاء المشروعات. والواقع هو أن الهند ظلت لعدة قرون حتى عام 1700، شأنها في ذلك شأن الصين، بمثابة محرك لإنشاء المشروعات للعالم. وعملت الثورة الصناعية على تقليص حصة كل من هذين البلدين. غير أن العملية بدأت تسير بصورة عكسية خلال السنوات الأخيرة. ويتوقع أن تحتل الهند المرتبة الثامنة عالمياً من حيث حجم الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2115. ويتوارث شباب الهند تاريخاً طويلاً اتسم بسيطرة جينات إنشاء المشاريع، تلك الجينات التي لم تستطع إخمادها عهود من الاستعمار والاشتراكية. وحالما تنطلق النشاطات المتعلقة بإنشاء المشاريع، فإنها تميل نحو الانتشار السريع، حيث تولد عقلية ً شبيهة ً بعقلية القطيع ، وتشبه في ذلك حمى البحث عن الذهب.
ومن أمثلة التوجه الهندي المستمر نحو إنشاء المشاريع وتوسيع نطاق عملها، ذلك النشاط الخاص بمجموعة تاتا الهندية التي أنفقت ملياري دولار أمريكي على شراء شركة تتلي البريطانية لتصنيع الشاي، وشركة برونرموند لصناعة الصودا، وشركة دايو الكورية لصناعة السيارات و الشاحنات كما أنها فازت بعقد لإدارة فندق بيير في نيويورك. وهنالك تقديرات بأن الشركات الهندية أنفقت عشرة مليارات دولار أمريكي خلال السنوات الخمس الماضية على شراء شركات في أوروبا، وآسيا، وعدد قليل من الشركات في الولايات المتحدة الأمريكية. وليس أدل على توسع مثل هذه النشاطات من كون بعض الهنود الذين لم يكن أحد في العالم يسمع بهم قبل 15 عاماً، إضافة إلى أنهم ليسوا من أصحاب الإرث الصناعي العائلي، مدرجين الآن على قوائم فوربس بين أكبر أصحاب المليارات في العالم.
وعملت الحكومة الهندية على تخفيض الضرائب. ومع ذلك زادت العوائد الحكومية بسبب الوتيرة السريعة للنمو الاقتصادي في البلاد. وأصبحت العوائد الناجمة عن الضرائب في ظل هذا النمو السريع، تشكل نسبة من الناتج المحلي الإجمالي أعلى بكثير مما كان عليه الوضع قبل إجراءات التخفيض الضريبي. واستطاعت الحكومة الهندية من خلال هذا الدخل الضريبي الكبير زيادة المخصصات المالية للمشاريع الريفية والخدمة الاجتماعية الشاملة. وظهرت الديمقراطية الشاملة كعامل مساعد في تطبيق البرامج الاجتماعية. وسارت الأمور بعكس ما تم في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، حيث جاءت الرأسمالية أولاً بالثورة الصناعية، ثم تبعها التحرر الليبرالي، بينما وصلت الديمقراطية الكاملة في المرحلة الأخيرة. ولم تستطع النساء ولا السود الحصول على حقوقهم الانتخابية إلا قبل 80 عاماً فقط. كما نلاحظ في هذا المجال أن كوريا الجنوبية، وتايلاند، وتايوان، وماليزيا بدأت في المراحل الأولى بتحرير الاقتصاد، ثم النظام القانوني، لتبدأ بعدها بإجراء انتخابات جزئية استغرق تبلورها على أرض الواقع عدداً من السنوات.
وتبنت الهند منذ الاستقلال عام 1947، تطبيق الديمقراطية، ولكن ضمن تسلسل يختلف تماماً عما شهده أي بلد في العالم. وبدأت الهند بالديمقراطية الشاملة، لتبدأ بعدها بالتحرر الدستوري. ولم تطلق الرأسمالية عقالها سوى خلال السنوات العشر الأخيرة، بعد أن تم كبتها لفترة طويلة. ولذلك فإن الأحداث التي شهدتها الهند تبدو غير قابلة للمقارنة مع كثير من الأحداث التي شهدتها دول أخرى في عمليات تطورها. وكما أن عبادات وسلوكيات معينة يجب أن تسبق مرحلة الوصول إلى الجنة، فإن تحقيق الديمقراطية الهندية الكاملة لا بد أن تسبقه حالات من الاضطراب قبل أن يسود الهدوء الكامل.

 

نبذة عن الهند
اقتصاد
تجارة
تقارير ودراسات
استثمارات أجنبية
استثمارات هندية
سوق الأسهم
سياحة
خدمات طبية
إعلانات
إعلانات مبوبة
ارشيف
     
           


Akhbarul Hind (c) صادرات الهند